13‏/06‏/2008

هيا اصمتوا









نصُ الأديبِ الجفريِّ

حول فضاءات الأديب الجفري في العدد 109 المنشور في المجلة الثقافية يوم الاثنين 29 4 1426هـ ولكل من مارس الوصاية يوماً دون أن يولى إياها



أريدُ مِنْكُم السكوتَ عن إرادتي
فلَفِعُّوا سيُوْفَكُم
ولْتَنْفَضُوا غُبَارَكُم
هيا اصمتُوا
وقبل ذا فَلْتُشْعِلوا النِيْرانَ في هُتَافِكُم
ونوحِكُم وبغيِكُم وجَوْركُم


أُرِيْدُ منكم الصَّمَمْ
فإنني لم أشتكِ
أو أطلب النَّجَاة في ظِلالِكُم
فلتسكتوا
ولتُفسِحُوا الرياضَ لانتفاضِيا
لاتنبسوا.. أو تكتبوا
ولاتُحَدِّقُوا
بل أقفلوا عيُونَكُم
وأغْمِدوا سِيَاطَكُم


هيا اصمتوا
فهل رأيتُم مثلنا مُعَذَّبٌ بِصَوْتِكُم
فحرروا قِيَادنا من خنقكِم


إني امرأة
لكِن عيوني عِفْتِي.
سوادُهَا بالدِّيْنِ لا بالأمْرَكهْ
فلتصمتوا
ولتُغرِقوا صهيلكم
في عُمقٍ وَحْلٍ من سياطٍ مُغرَقهْ
ملأتُمُ ديوانكُم وشِعْركُم
بفتنتي ورِقَّتي
(تَغَنُّجي) وزهرُ نَظرتي
وسِحْرَها.. وفَتْكها
بقلْبِ صَبِّ وَادِعِ
وجئتمُ اليومَ لِتَدَّعُوا
بأنكم حقيقةً لم تدخلوا
في ضيمِ هذي الشرنقهْ
صَدَحْتُمُ
زرعْتُمُ اللَّهِيْبَ في فؤاديه
أوقَفْتُمُ خرِيرَ نَهْرٍ هادئٍ
بِحِبْرِكُم.. كنارِ بُركانٍ
يَثُوْرُ دونما ضجيجٍ
أو بكاءٍ
أو فتيلِ نارٍ مُضْرَمهْ


هيَّا اسكتوا
فالصَّوْتُ صوتي الآن
والتغريْدُ مِنْ شِفَاهِيه
أريد
هل تشنَفُونَ مالذي أريدهُ؟!
هل تسمعون ضوءَ آمالي
وقفْرَ جدبي
وانطفاء شَمْعَتِي


إني أريدُ أن أعيشَ في رِياضِ عِفَّتِي
وأحْتَضِنْ عباءتي
أريد أن أبقى أنا كما أنا
نعومتي ورقتي
هدِيْلُ صوتي.. وانخفاضُهُ
أمَّا الصراخُ.. والعوِيْلُ واللِّعَانْ
فصَوْتُ جَهْلٍ في الخِطابِ أمقُتُه
وأرفضُه..
لأنَّ في السماءِ
وحيٌ مِنْ ضِياءٍ أحفظُه
يقْضي بأن
أَغُضَّ في الكلامِ أخفِضه
فأَنْكَرُه
صوتُ الحِمَارِ في تَحَدُّثِه


أريد أن أقُولَ ما أقولَهُ
رضا من الرحمن أنشده
وبُغْيَتِي الجِنَانُ في تَأَثُّرِه


أريد قبري واسِعاً
كما السَّماءِ واسعهْ
كما المروجِ والسَّهُولِ والبِحَارْ
أريد ضجّةً في الكونِ أُحْيِيْهَا
جمالاً خالداً


أريد أن أحيا بِزَهْرِ دَعْوَتي
وعُشْبها وغُصْنهَا ورِيهَا
نامٍ على دُنا الوجودِ في مدينتي
لاحاجَ لي إلى الشجر
ولا إلى الجبل
يمشي ولا يركضْ
أو يقوم
ولا إلى الزهور من أنوثتي
لأنني بعفتي
يغار مني الوردُ في ظلامه
فينحني ويستتر
والنخلة الخجلى تضمُّ طَلْعَها
وتنضُدُه


أريد أن أناجيَ الكتابَ في سَفُوْر
أريد أن تَضُمَّنِي البقاع
وألتفت
فلا أرى بياضَ ثوبٍ أوشماغْ
ولا أرى (عيناً) كَسَهْمٍ مصْلِتٍ
يلُفُّهُ الضياعْ


أريد محكمه
كاتبةٌ للعدل فيها تنْزِعُ الحِجَاب
فلارجال.. ولا غطاء
أريد في نادي الرياضِ غُرفة
تضمني مع الأدب
وأسمعُ النشيد في القصيد والقَصَصْ


أريد سُوقاً
لا تجوع رغبتي فيهِ إلى الجمال
وأنثني عن نظرة الرجال


أريد (مَحْرَماً) يُقَدِّرُ اعوجاج أضلُعي
والضَعْفَ في قَوَامتي
فَيَعْتَلِي في الغابِ هامة الجلالْ
لا يطلُبُ الغِذاء من وظِيْفَتي
ولا يُضِيْعُ حقي في النَّماء والرَّخَاء


أريد مِنْكُمُ
معاشِرَ الرجالِ أولاً
أن تصمتوا عن الكلام
وتُفْسِحُوا الطريق
ليهْدُلَ الحمام
وثانياً
فلتَحْفَظُوا عهْدَ الإلهِ في نسائكُم
حِفْظاً يَخُطُّهُ الكِتَاب
ثُمَّ اصمتوا
لن يُخلَق الدُّخانُ دُونما اشتِعالْ
فأنتُمُ حريْقُنا.
فأطفئوا نيرانَكُم
ولتسكتوا.

النص في المجلة الثقافية



ليست هناك تعليقات: