13‏/06‏/2008

جفاء ..






مابالهم ضجعوا الفؤاد وقد خلوا / عن ناظري وتوسدوا سرر الجفاء
منهم فأقفية الوداد تهدنا / هدَّاً فتُمْطِرُ جَوَّنا غَيْثَ الصَّفَاء
إشراقُ وجههم يُرَوِّينا الهدى / ويهزنا بعد السكون إلى المضاء
هاهم جَفَوا وتمردُوا عن ساحِنا / وتزلزلوا إذ مارأونا في المراء
وهمُ الحقيقة والصفاءُ إذا هُمُ / وهُمُ الإضاءةُ والسماحة والسخاء
أنوارهُم ضوَّت بنا وتبخترت / وأزالت الأجساد من وحْلِ الغثاء
مابالُهُم قد أعرضوا وتخلموا / عن عهدنا وصفائنا ذاك الوفاء
عاهدتهم أنًَّ المحبة سُلَّمٌ / يرقى بنا نَحْوَ الذرى نَحْوَ النَّقاء
قالوا بأنَّ جفاءَهُم إن مرَّبي / ذنْبٌ جرى في وَقْعِهِ للوصْلِ داء
هاهُم تولَّوا حُبُّنا قد أعرضوا / أمسكتُهُم وضممتُهُم أبغي دواء
لَكِنَّهُم غرسوا بِمُدّيَةِ صَدِّهِم / في عُمْقِنا خُشُبَ العِفَاء
ابقُوا مَعِي لاترحلوا أرجوكمُ / تركوا الرحيل وأشفقوا لي باستياء
ساروا معي وقلوبهم ليست معي / قالوا الرحيلُ الآنَ أعطونا الهواء
أعتقتُهُم والقَلْبُ يُعْتِقُ نبضه / ويَرُشُّهُم فَيْضاً لَهُم مِنّهُ الدِّماء
ياليتهم بَصَرُوا بِأَنَّ شعورنا / يُسْقَى هدِيْرَ النَّبْضِ من ذاكَ الولاء
فإذَا هُمُ هانَ الفؤادُ عليْهُمُ / قد أهْلَكُوا جسداً وأَعْلَنَوا الرثاء
قَتَلُوا لنا نفْساً بِغَيْرِ جَرِيْرَةٍ / فُعِلت ولامن تُهْمَةٍ أو باعتداء
كُلُُّ الخطايا قد تُسَاغُ مِنَ الفتى / إلا صريْمُ النَّفْسِ قَوْدَاً للفَنَاء
من أجلِ ذا كَتَبَ الرَّحِيْمُ بِأَنَّهُم / قتلوا الأناسَ جميعهم وبلا خفاء
مابالُهُم ؟ وأظلُّ أسألُ مُنْشِجاً / مابالهم أحبابُنا عَجِلُوا انتهاء
قطعوا سبيل الرِّيِّ عن أرواحِنَا / وَتَبَاعَدُوا وتَسَابَقُوا مِنَّا الفناء
لم يَبْقَ إلا اليومَ أو بَعْدَ غَدٍ / مابالُهُم نَوَوُا التَّوَلِّي والنَّوَاء
لم يُفْصِحُوا عن سِرِّهِم تركوا الجري/ح بِجُرْحِهِ وصادروا مِنهُ البقاء
ظلُّوا بُعَاداً داخِلَ النَّبَضَاتِ هُم / صَارَت مسافتُنا تُغُطِّي الانحناء
كالشمّسِ والقمرِ المُهَيْمِنِ دُوْنَهُم / إن تَحْضُرِ الأولى فَلِلثاني التناء
صرنا كضدينِ النَقِيْضَيْنِ استوا / فِيْهِم تَجَافٍ أو تباعُدَ لاالتِقاء
دارَ الزَّمَانُ عَقَارِبُ السَّاعَاتِ لا / تَلْقَى الدَّقائِقَ هَكَذَا كُنَّا سواء
والدَّهْرُ يحكي أننا كُنَّا معاً / رُوْحٌ وجِسْمٌ بينَهُم قَطْعُ الجَفَاء
( والدَّهرُ لايبقى على حدَثانِهِ ) / قَدْ قالَهَا قَلْبُ المُصَابِ بالانْكِوَاء
وأبو ذؤيبٍ قَدْ خلا مِنْ دَارِهِ / خَمْسٌ مِنَ الأبْنَاءِ في وقْعِ القَضَاء
وأنا فَقَدْتُ تَجَلُّدي لم يَبْقَ لي / إلاَّ جُسَيْمٌ بَاهِتٌ مَجْلُو السَّناء
جسدٌ هَزِيْلٌ قدْ تَهَلْهلَ وانحنى / هذا أنا يومي يَمُرُّ بلا رجاء
غَيْرَ انتظارِ النَّزْعِ بَعْدَ تَمَهُّلٍ / أو فَلْتُعِرْنِي الرَاح مِن رَقْدِ الخَفَاء
دهري يقيءُ مُكَرِراً وَيَمُجُّني / قدْ شَاهَ مِنِّي واستَحَبَّ ليَ العراء
أحْبِبْ إذا مَاشِئتَ كُلَّ مُحَبَبٍ / سَتُفَرِّقُ الأيامُ بينَكُمُ اللَّقَاء
قد قَالَهَا جِبْرِيْلُ حدَّث قَبْلَنا / لِمُحَمِدٍ خَيْرِ الأنامِ الأصّفِياء
فلنصطَبِرْ حَتّمَاً سَيَنْقَشِعُ الظَّلام / وَنَرَى بَزُوْغَ الفَجْرِ مِن بَعْدِ المساء
ونرى بِانَّ النورَ يْشْرِقُ باسِماً / وَيَلُفُّنا كيما يعيد الاهتداء
لايتْرُكُ القَلْبُ المُحِبُّ خليلَهُ / إنْ كانَ حقَّاً صادِقاً وبِهِ رَواء
كالنَّبْتِ يُسْقَى بالسماءِ ويرتوي / وَيَمُوْتُ من غير التغذِّي والسقاء
ستَظلُّ داخِلَ عُمْقِنا وَبِرِّيِّنا / ننساكُمُ ..أبدأ فلايُنْسى الضياء




ليست هناك تعليقات: