12‏/06‏/2008

"أيُّ حياة " ..



" إنه الزواج دفء الكون .. ونبض الأمل "
"فسارعوا معشر الشباب .. ولا تتباطؤ "
لم يكن بحاجة إلى مزيد من التأجيج لتثور الفِطَرُ بداخله
لم يكن بحاجة إلى مزيد تقرُّحِ ليسمع قولاً كالذي قال .
إلى من يوجه الحديث .. ويرسل الأوامر والوعظ
أتراه يقصدني .. أتراني أدخل في معشرهم
إنهم مثلي يقتاتون الجدب ويستترون بالسماء .
كيف أسبق الخطا .. أم كيف أستحثها للمسير .. أتراها ستستجيب ؟
أتراني توقفت وأنا أملك قدرة على الجري .. أم توليت عن المطر بعدما هطل ؟
أتراها تتحرك بعدما بترت .. أم تراني أسير وهي واقفة ؟
أأسير .. وأصل .. وينبت العشب .. وأسمع شقشقة صبح وليد ؟
لا
سأخنق الحياة بعدما تُولد ..
هل ألدها للخراب .. أم أزرعها لتموت .. وتدفن واقفة .!
هل تذبل الأوراق بعدما نمت جذورها لأني لم أجد لها ماء أسقيها به ..
أم أنتظر لأراها تسقي نفسها بالدموع .. وتلتف تبحث عن دفء ؟!!
أي حياة ونماء يريدها مني وأنا نفسي لاأجدها ؟
أبي لم يورث لي حديقة أقحوان .. تنبت لي ذهباً لاينضب ..
هل يرى الأرض من حوله صحراء كلها .. أو مياه برمتها ..أم هي تفترق كافتراق الناس فوقها ؟
لم يكتب لي أن أحصل على شهادة .. ولكني أعلم أني ألتهم الكتب .. ولاأفتأ تردداً على دروس المساجد
كل هذا لم يضمن لي مكاناً أقتات منه .. وأطعم منه .. كي أبحث عن من أقوته وأضمن له حياة آمنة .
هل أصنع حديقتي في غابة تلفها الذئاب .. وأنا أعلم يقيناً أنها لاتبقيها في الحياة إلا عظاماً متكسرة .؟!


تذكر حين ذهب يبحث عن أرض يزرع فيها ويقتات .. وجد كل السفوح ممتلئة بالعاملين .. ولكنهم يحصدون الزرع وهم جالسون ؟!
تساءل كيف يكون ذلك .. وجد الإجابة في ذرات الهواء وعَلِمَ أنها الحياة لاتصفو إلا للذئاب فقط أو كبار قومه ممن وعوا على حياة قلّ فيها المفترسون .
وجد عملا بعد كدّ .. فلم يحصد سوى قربة يسقي بها دابته وقت ذهابه وإيابه وبالكاد تكفي لقطعة خبز
يسد بها جوعه .
وجد أن دابته تستنزف أكثر مما يأخذ .. ورأى أنه يحصد للدابة وسراج الطريق
ولكنه باقٍ في عتمته .. حتى السكن مُذَهَّبٌ خشبه .. ولايقدر على بناءٍ من نحاس
لايحتمل أعاصير العراء والجور .. ولاتقبله بهرجة المكان .
حتى الخير لايضمن له الدفء الذي يبحث عنه ولايؤمن له المساعدة مالم يجد عملا بعائد يساوي ضعف عمله الذي هو فيه .

علم أن الحياة توقفت عن أن تنمو له .. ولكنه عاد ليتساءل لماذا أنا فيها .. مادامت سوداء لاتقبل البياض ومظلمة لاتقبل من القمر أن يرسل ضوءه ويتنفس ؟!!
ولكنه وجد الإجابة في حياة تحيا بها روحه .. من غير الماء الذي يمنون إذ يمنحونه إياه .. ولكنها من مكان علوي لاينزل إلى الأرض ولكن الأرواح البيضاء هي من تصعد إليه .


لم يعد له عمل سوى التأمل والتساؤل لعله يجد إجابة لسر توقف حياته
أي جدب هو كائن في هذا الزمان سيكبر حين لايقدر البياض على التنفس والتناسل ؟
أيُنْبُتُ النخل غير الطلع .. أم يحنو الغصن على غيره .. أم هل ترى الزهرة تلتف بغير أوراقها ؟!
هل يبحث عن نماء بعيداً عن دفء يشمل هذا النماء ؟
كيف ينمو الزهر بالثمر دون أن يحتسي الماء .

ندَّت له ضحكة حين خطرت له تلك المقابلة التلفزيونية مع مسؤول عن التوظيف .
قيل له : أين حقوق المرأة في التوظيف ؟ هي أيضاً تعاني البطالة ..
قال المسؤول ساخراً : يارجل دعنا نحل مشكلة الشباب أولاً .
تخيَّل كيف سيكون الوضع حين يكون العدل في البحث عن وظائف لكلا الجنسين .. لعل المرأة ستكون أكثر حظاً .. سيبقى الرجل ليربي الأطفال ويعد الطعام و ستبني هي المسكن وتنفق وربما تشتري سيارة .
ضحك .. وقال بصوت عال : حينها لن تطلب قاعة أفراح ولا شبكة ومهراً يتجاوز عشرات الآلاف



أووووووه لالا بل ربما تبالغ في الطلب تعويضاً عن النفقة .

تلفَّت حوله .. لم يرهُ أحد
تنهد وحمد الله .. لم يبقَ لي سوى وصمٍ بالجنون لتكتمل سيرة المعضلة !!

قرر أن يحرث بنفسه أرضاً ليغرس بيديه .. لم يحصل على ترخيص ولم ينتظر من أحد أن يعتمد له العمل
يعلم أن تكاليف ذلك باهضة لايقدر عليها .
لم تتركه الأشواك ملأت أرضه بالوحل .. وطلبت منه أن يعطيها زرعاً لم ينبت !!!
توقف .. وبحث عن صوته .. تمنى لو وصل إليه ليبلِغَهُ بموت الزرع قبل أن ينبت ولكنه لم يصل !!

ليست هناك تعليقات: